كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هَذَا مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ، وَلَا يَخْفَى عَلَى إِنْسَانٍ أَنَّ عَاطِفَةَ الْأُمِّ الْوَالِدِيَّةَ أَقْوَى مِنْ عَاطِفَةِ الْأَبِ، وَرَحْمَتَهَا أَشَدُّ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَحَنَانَهَا أَرْسَخُ مِنْ حَنَانِهِ؛ لِأَنَّهَا أَرَقُّ قَلْبًا وَأَدَقُّ شُعُورًا، وَأَنَّ الْوَلَدَ يَتَكَوَّنُ جَنِينًا مِنْ دَمِهَا الَّذِي هُوَ قِوَامُ حَيَاتِهَا، ثُمَّ يَكُونُ طِفْلًا يَتَغَذَّى مِنْ لَبَنِهَا، فَيَكُونُ لَهُ مَعَ كُلِّ مَصَّةٍ مِنْ ثَدْيِهَا عَاطِفَةٌ جَدِيدَةٌ يَسْتَلُّهَا مِنْ قَلْبِهَا، وَالطِّفْلُ لَا يُحِبُّ أَحَدًا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أُمِّهِ، ثُمَّ إِنَّهُ يُحِبُّ أَبَاهُ وَلَكِنْ دُونُ حُبِّهِ لِأُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَرِمُهُ أَشَدَّ مِمَّا يَحْتَرِمُهَا، أَفَلَيْسَ مِنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنْ يُزَاحِمَ هَذَا الْحُبَّ الْعَظِيمَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ حُبُّ اسْتِمْتَاعِ الشَّهْوَةِ فَيَزْحَمَهُ وَيُفْسِدَهُ وَهُوَ خَيْرُ مَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ؟ بَلَى؛ وَلِأَجْلِ هَذَا كَانَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْأُمَّهَاتِ هُوَ الْأَشَدَّ الْمُقَدَّمَ فِي الْآيَةِ وَيَلِيهِ تَحْرِيمُ الْبَنَاتِ، وَلَوْلَا مَا عُهِدَ فِي الْإِنْسَانِ مِنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْعَبَثِ بِهَا وَالْإِفْسَادِ فِيهَا، لَكَانَ لِسَلِيمِ الْفِطْرَةِ أَنْ يَتَعَجَّبَ مِنْ تَحْرِيمِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ فِطْرَتَهُ تُشْعِرُ بِأَنَّ النُّزُوعَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْمُسْتَحِيلَاتِ.
وَأَمَّا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا تُشْبِهُ الصِّلَةَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ كَأَعْضَاءِ الْجِسْمِ الْوَاحِدِ؛ فَإِنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ يَسْتَوِيَانِ فِي النِّسْبَةِ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إِنَّهُمَا يَنْشَآنِ فِي حِجْرٍ وَاحِدٍ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْغَالِبِ، وَعَاطِفَةُ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا مُتَكَافِئَةٌ لَيْسَتْ أَقْوَى فِي أَحَدِهِمَا مِنْهَا فِي الْآخَرِ كَقُوَّةِ عَاطِفَةِ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ عَلَى عَاطِفَةِ الْبُنُوَّةِ؛ فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ يَكُونُ أُنْسُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ أُنْسَ مُسَاوَاةٍ لَا يُضَاهِيهِ أُنْسٌ آخَرُ إِذْ لَا يُوجَدُ بَيْنَ الْبَشَرِ صِلَةٌ أُخْرَى فِيهَا هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ الْكَامِلَةِ، وَعَوَاطِفِ الْوُدِّ وَالثِّقَةِ الْمُتَبَادَلَةِ، وَيُحْكَى أَنَّ امْرَأَةً شَفَعَتْ عِنْدَ الْحَجَّاجِ فِي زَوْجِهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا وَكَانَ يُرِيدُ قَتْلَهُمْ فَشَفَّعَهَا فِي وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْهُمْ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَخْتَارَ مَنْ يَبْقَى فَاخْتَارَتْ أَخَاهَا فَسَأَلَهَا عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَقَالَتْ: إِنَّ الْأَخَ لَا عِوَضَ عَنْهُ، وَقَدْ مَاتَ الْوَالِدَانِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ وَالْوَلَدُ فَيُمْكِنُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُمَا بِمِثْلِهِمَا، فَأَعْجَبَهُ هَذَا الْجَوَابُ، وَعَفَا عَنِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ: لَوِ اخْتَارَتِ الزَّوْجَ لَمَا أَبْقَيْتُ لَهَا أَحَدًا، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ صِلَةَ الْأُخُوَّةِ صِلَةٌ فِطْرِيَّةٌ قَوِيَّةٌ، وَأَنَّ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ لَا يَشْتَهِي بَعْضُهُمُ التَّمَتُّعَ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ عَاطِفَةَ الْأُخُوَّةِ تَكُونُ هِيَ الْمَسْئُولَةَ عَلَى النَّفْسِ، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِسِوَاهَا مَعَهَا مَوْضِعٌ مَا سَلِمَتِ الْفِطْرَةُ، فَقَضَتْ حِكْمَةُ الشَّرِيعَةِ بِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُخْتِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِمُعْتَلِّي الْفِطْرَةِ مَنْفَذٌ لِاسْتِبْدَالِ دَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ بِعَاطِفَةِ الْأُخُوَّةِ.
وَأَمَّا الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ فَهُنَّ مِنْ طِينَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَفِي الْحديث: «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ»، أَيْ: هُمَا كَالصِّنْوَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْلِ النَّخْلَةِ، وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي تَفْسِيرِ {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [2: 133]، فَعَدُّوا إِسْمَاعِيلَ مِنْ آبَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخٌ لِإِسْحَاقَ فَكَأَنَّهُ هُوَ وَلِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي كَانَتْ بِهِ صِلَةُ الْعُمُومَةِ مِنْ صِلَةِ الْأُبُوَّةِ، وَصِلَةُ الْخُئُولَةِ مِنْ صِلَةِ الْأُمُومَةِ، قَالُوا: إِنَّ تَحْرِيمَ الْجَدَّاتِ مُنْدَرِجٌ فِي تَحْرِيمِ الْأُمَّهَاتِ وَدَاخِلٌ فِيهِ، فَكَانَ مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْفِطْرَةِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى عَاطِفَةِ صِلَةِ الْعُمُومَةِ وَالْخُئُولَةِ، وَالتَّرَاحُمُ وَالتَّعَاوُنُ بِهَا وَأَلَّا تَنْزَويَ الشَّهْوَةُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ.
وَأَمَّا بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ فَهُمَا مِنَ الْإِنْسَانِ بِمَنْزِلَةِ بَنَاتِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ أَخَاهُ وَأُخْتَهُ كَنَفْسِهِ، وَصَاحِبُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ يَجِدُ لَهَا هَذِهِ الْعَاطِفَةَ مِنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا صَاحِبُ الْفِطْرَةِ السَّقِيمَةِ إِلَّا أَنَّ عَاطِفَةَ هَذَا تَكُونُ كَفِطْرَتِهِ فِي سَقَمِهَا، نَعَمْ إِنَّ عَطْفَ الرَّجُلِ عَلَى بِنْتِهِ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ أُنْسِهِ بِبَنَاتِهِمَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ، وَبَيْنَ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فَهُوَ أَنَّ الْحُبَّ لِهَؤُلَاءِ حُبُّ عَطْفٍ وَحَنَانٍ، وَالْحُبُّ لِأُولَئِكَ حُبُّ تَكْرِيمٍ وَاحْتِرَامٍ، فَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْبُعْدِ عَنْ مَوَاقِعِ الشَّهْوَةِ مُتَكَافِئَانِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي النَّظْمِ الْكَرِيمِ ذِكْرُ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِدْلَاءَ بِهِمَا مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، فَصِلَتُهُمَا أَشْرَفُ وَأَعْلَى مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ.
هَذِهِ هِيَ أَنْوَاعُ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي يَتَرَاحَمُ النَّاسُ بِهَا وَيَتَعَاطَفُونَ، وَيَتَوَادُّونَ وَيَتَعَاوَنُونَ بِمَا جَعَلَ اللهُ لَهَا فِي النُّفُوسِ مِنَ الْحُبِّ وَالْحَنَانِ، وَالْعَطْفِ وَالِاحْتِرَامِ، فَحَرَّمَ اللهُ فِيهَا النِّكَاحَ لِأَجْلِ أَنْ تَتَوَجَّهَ عَاطِفَةُ الزَّوْجِيَّةِ وَمَحَبَّتُهَا إِلَى مَنْ ضَعُفَتِ الصِّلَةُ الطَّبِيعِيَّةُ أَوِ النَّسَبِيَّةُ بَيْنَهُمْ كَالْغُرَبَاءِ وَالْأَجَانِبِ، وَالطَّبَقَاتِ الْبَعِيدَةِ مِنْ سُلَالَةِ الْأَقَارِبِ، كَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ، وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَبِذَلِكَ تَتَجَدَّدُ بَيْنَ الْبَشَرِ قُرَابَةُ الصِّهْرِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ كَقُرَابَةِ النَّسَبِ، فَتَتَّسِعُ دَائِرَةُ الرَّحْمَةِ بَيْنَ النَّاسِ، فَهَذِهِ حِكْمَةُ الشَّرْعِ الرُّوحِيَّةُ فِي مُحَرَّمَاتِ الْقَرَابَةِ.
ثُمَّ أَقُولُ: إِنَّ هُنَالِكَ حِكْمَةً جَسَدِيَّةً حَيَوِيَّةً عَظِيمَةً جَدًا، وَهِيَ أَنَّ تَزَوُّجَ الْأَقَارِبِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ يَكُونُ سَبَبًا لِضَعْفِ النَّسْلِ، فَإِذَا تَسَلْسَلَتْ وَاسْتَمَرَّتْ يَتَسَلْسَلُ الضَّعْفُ وَالضَّوَى فِيهِ إِلَى أَنْ يَنْقَطِعَ؛ وَلِذَلِكَ سَبَبَانِ:
السَّبَبُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، أَنَّ قُوَّةَ النَّسْلِ تَكُونُ عَلَى قَدْرِ قُوَّةِ دَاعِيَةِ التَّنَاسُلِ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ الشَّهْوَةُ، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّهَا تَكُونُ ضَعِيفَةً بَيْنَ الْأَقَارِبِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ عِلَّةً لِكَرَاهَةِ تَزَوُّجِ بَنَاتِ الْعَمِّ وَبَنَاتِ الْعَمَّةِ إِلَخْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الشَّهْوَةَ شُعُورٌ فِي النَّفْسِ يُزَاحِمُهُ شُعُورُ عَوَاطِفِ الْقَرَابَةِ الْمُضَادَّةِ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُزِيلَهُ وَإِمَّا أَنْ يُزَلْزِلَهُ وَيُضْعِفَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا بَيَّنَّاهُ آنِفًا.
وَالسَّبَبُ الثَّانِي: يَعْرِفُهُ الْأَطِبَّاءُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لِلْعَامَّةِ بِمِثَالٍ تَقْرِيبِيٍّ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْفَلَّاحِينَ، وَهُوَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَتَكَرَّرُ زَرْعُ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْحُبُوبِ فِيهَا يَضْعُفُ هَذَا الزَّرْعُ فِيهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إِلَى أَنْ يَنْقَطِعَ لِقِلَّةِ الْمَوَادِّ الَّتِي هِيَ قِوَامُ غِذَائِهِ، وَكَثْرَةِ الْمَوَادِّ الْأُخْرَى الَّتِي لَا يَتَغَذَّى مِنْهَا وَمُزَاحَمَتِهَا لِغِذَائِهِ أَنْ يَخْلُصَ لَهُ، وَلَوْ زُرِعَ ذَلِكَ الْحَبُّ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَزُرِعَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْحَبِّ لَنَمَا كُلٌّ مِنْهُمَا، بَلْ ثَبَتَ عِنْدَ الزُّرَّاعِ أَنَّ اخْتِلَافَ الصِّنْفِ مِنَ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِذَارِ يُفِيدُ، فَإِذَا زَرَعُوا حِنْطَةً فِي أَرْضٍ وَأَخَذُوا بَذْرًا مِنْ غَلَّتِهَا فَزَرَعُوهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ يَكُونُ نُمُوُّهُ ضَعِيفًا وَغَلَّتُهُ قَلِيلَةً، وَإِذَا أَخَذُوا الْبَذْرَ مِنْ حِنْطَةٍ أُخْرَى وَزَرَعُوهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ نَفْسِهَا يَكُونُ أَنْمَى وَأَزْكَى، كَذَلِكَ النِّسَاءُ حَرْثٌ كَالْأَرْضِ يُزْرَعُ فِيهِنَّ الْوَلَدُ، وَطَوَائِفُ النَّاسِ كَأَنْوَاعِ الْبِذَارِ وَأَصْنَافِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَزَوَّجَ أَفْرَادُ كُلِّ عَشِيرَةٍ مِنْ أُخْرَى لِيَزْكُوَ الْوَلَدُ وَيَنْجُبَ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ مِنْ مِزَاجِ أَبَوَيْهِ وَمَادَّةِ أَجْسَادِهِمَا وَيَرِثُ مِنْ أَخْلَاقِهِمَا وَصِفَاتِهِمَا الرُّوحِيَّةِ وَيُبَايِنُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَالتَّوَارُثُ وَالتَّبَايُنُ سُنَّتَانِ مِنْ سُنَنِ الْخَلِيقَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَظَّهَا لِأَجْلِ أَنْ تَرْتَقِيَ السَّلَائِلُ الْبَشَرِيَّةُ، وَيَتَقَارَبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَسْتَمِدَّ بَعْضُهُمُ الْقُوَّةَ وَالِاسْتِعْدَادَ مِنْ بَعْضٍ، وَالتَّزَوُّجُ مِنَ الْأَقْرَبِينَ يُنَافِي ذَلِكَ فَثَبَتَ بِمَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ أَنَّهُ ضَارٌّ بَدَنًا وَنَفْسًا، مُنَافٍ لِلْفِطْرَةِ مُخِلٌّ بِالرَّوَابِطِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ عَائِقٌ لِارْتِقَاءِ الْبَشَرِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ مِنَ الْخِصَالِ الَّتِي تُطْلَبُ مُرَاعَاتُهَا فِي الْمَرْأَةِ أَلَّا تَكُونَ مِنَ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، قَالَ: فَإِنَّ الْوَلَدَ يُخْلَقُ ضَاوِيًا أَيْ نَحِيفًا، وَأَوْرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا لَا يَصِحُّ وَلَكِنْ رَوَى إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِآلِ السَّائِبِ: اغْتَرِبُوا لَا تَضْوُوا، أَيْ: تَزَوَّجُوا الْغَرَائِبَ لِئَلَّا تَجِيءَ أَوْلَادُكُمْ نِحَافًا ضِعَافًا، وَعَلَّلَ الْغَزَالِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الشَّهْوَةَ إِنَّمَا تَنْبَعِثُ بِقُوَّةِ الْإِحْسَاسِ بِالنَّظَرِ أَوِ اللَّمْسِ، وَإِنَّمَا يَقْوَى الْإِحْسَاسُ بِالْأَمْرِ الْغَرِيبِ الْجَدِيدِ، فَأَمَّا الْمَعْهُودُ الَّذِي دَامَ النَّظَرُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْعُفُ الْحِسُّ عَنْ تَمَامِ إِدْرَاكِهِ وَالتَّأَثُّرِ بِهِ وَلَا تَنْبَعِثُ بِهِ الشَّهْوَةُ اهـ، وَتَعْلِيلُهُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ، وَالْعُمْدَةُ مَا قُلْنَاهُ.
وَأَمَّا حِكْمَةُ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعَةِ فَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي تَفْسِيرِ {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [4: 23]، وَيَزِيدُهُ مَا قُلْنَاهُ آنِفًا فِي حِكْمَةِ مُحَرَّمَاتِ النَّسَبِ تِبْيَانًا فَمِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى بِنَا أَنْ وَسَّعَ لَنَا دَائِرَةَ الْقَرَابَةِ بِإِلْحَاقِ الرَّضَاعَةِ بِهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ بَعْضَ بَدَنِ الرَّضِيعِ يَتَكَوَّنُ مِنْ لَبَنِ الْمُرْضِعِ، وَفَاتَنَا أَنْ نَذْكُرَ هُنَاكَ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَرِثُ مِنْهَا كَمَا يَرِثُ وَلَدُهَا الَّذِي وَلَدَتْهُ.
وَأَشَرْنَا أَيْضًا إِلَى حِكْمَةِ تَحْرِيمِ مُحَرَّمَاتِ الْمُصَاهَرَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي حِكْمَةِ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ وَهِيَ بِنْتُ الزَّوْجَةِ، وَأُمُّهَا أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الرَّجُلِ شَقِيقَةُ رُوحِهِ بَلْ مُقَوِّمَةُ مَاهِيَّتِهِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَمُتَمِّمَتُهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُمُّهَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الِاحْتِرَامِ، وَيَقْبُحُ جِدًّا أَنْ تَكُونَ ضَرَّةً لَهَا؛ فَإِنَّ لُحْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنْ عَشِيرَةٍ صَارَ كَأَحَدِ أَفْرَادِهَا وَتَجَدَّدَتْ فِي نَفْسِهِ عَاطِفَةُ مَوَدَّةٍ جَدِيدَةٍ لَهُمْ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلتَّغَايُرِ وَالضِّرَارِ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا؟ كَلَّا، إِنْ ذَلِكَ يُنَافِي حِكْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ وَالْقَرَابَةِ، وَيَكُونُ سَبَبَ فَسَادِ الْعَشِيرَةِ، فَالْمُوَافِقُ لِلْفِطْرَةِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْمَصْلَحَةُ هُوَ أَنْ تَكُونَ أُمُّ الزَّوْجَةِ كَأُمِّ الزَّوْجِ، وَبِنْتُهَا الَّتِي فِي حِجْرِهِ كَابْنَتِهِ مِنْ صُلْبِهِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ زَوْجُ ابْنِهِ بِمَنْزِلَةِ ابْنِهِ، يُوَجِّهُ إِلَيْهَا الْعَاطِفَةَ الَّتِي يَجِدُهَا لِابْنَتِهِ، كَمَا يُنْزِلُ الِابْنُ امْرَأَةَ أَبِيهِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ، وَإِذَا كَانَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ أَنْ حَرَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا لِتَكُونَ الْمُصَاهَرَةُ لُحْمَةَ مَوَدَّةٍ، غَيْرَ مَشُوبَةٍ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الضِّرَارِ وَالنَّفْرَةِ، فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يُبِيحَ نِكَاحَ مَنْ هِيَ أَقْرَبُ إِلَى الزَّوْجَةِ كَأُمِّهَا أَوِ ابْنَتِهَا، أَوْ زَوْجَةِ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ، وَزَوْجَةِ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ؟ وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا أَنَّ حِكْمَةَ الزَّوَاجِ هِيَ سُكُونُ نَفْسِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، وَالْمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ مَنْ يَلْتَحِمُ مَعَهُمَا بِلُحْمَةِ النَّسَبِ، فَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنِكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [30: 21]، فَقَيَّدَ سُكُونَ النَّفْسِ الْخَاصَّ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَمْ يُقَيِّدِ الْمَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْ يَلْتَحِمُ مَعَهُمَا بِلُحْمَةِ النَّسَبِ وَتَزْدَادُ وَتَقْوَى بِالْوَلَدِ، كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ بِالْإِسْهَابِ فِي مَقَالَاتِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي نَشَرْنَاهَا فِي الْمُجَلَّدِ الثَّامِنِ مِنَ الْمَنَارِ.
فَهَذَا مَا فَتَحَ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا فِي بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَعْمُولَ لِيُبَيِّنَ لِنَلْتَمِسَهُ مِنْ سُنَنِ الْفِطْرَةِ بِمَعُونَةِ إِرْشَادِنَا إِلَى كَوْنِ دِينِنَا دِينَ الْفِطْرَةِ بِقَوْلِهِ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [30: 30]، فَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ بَعْدَ آيَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِثَمَانِي آيَاتٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [51: 20، 21]، وَقَدْ هَدَانَا بِذَلِكَ جَلَّتْ حِكْمَتُهُ إِلَى اسْتِقْلَالٍ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ بِالْأَدَبِ وَالْفَضِيلَةِ، وَلَا غَرْوَ فَالْقُرْآنُ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، لَا قَوَانِينَ وَضْعِيَّةٌ لِلْمُتَكَلِّفِينَ، وَلَا رُسُومَ عُرْفِيَّةٌ لِلْجَامِدِينَ.
بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ ذَهَبْتُ إِلَى إِحْدَى دُورِ الْكُتُبِ فِي (الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ) حَيْثُ أَنَا فَرَاجَعْتُ كِتَابَ حُجَّةِ اللهِ الْبَالِغَةِ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفِ بِشَاهْ وَلِيِّ اللهِ الدَّهْلَوِيِّ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ فِي حُكْمِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ: وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ أُمُورٌ:
مِنْهَا جَرَيَانُ الْعَادَةِ بِالِاصْطِحَابِ وَالِارْتِبَاطِ، وَعَدَمِ إِمْكَانِ لُزُومِ السَّتْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَارْتِبَاطُ الْحَاجَاتِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الطَّبِيعِيِّ دُونَ الصِّنَاعِيِّ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَجْرِ السُّنَّةُ بِقَطْعِ الطَّمَعِ عَنْهُنَّ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الرَّغْبَةِ فِيهِنَّ لَهَاجَتْ مَفَاسِدُ لَا تُحْصَى، وَأَنْتَ تَرَى الرَّجُلَ يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَيَتَوَلَّهُ بِهَا، وَيَقْتَحِمُ فِي الْمَهَالِكِ لِأَجْلِهَا، فَمَا ظَنُّكَ فِيمَنْ يَخْلُو مَعَهَا وَيَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَأَيْضًا لَوْ فُتِحَ بَابُ الرَّغْبَةِ فِيهِنَّ وَلَمْ يُسَدَّ، وَلَمْ تَقُمِ اللَّائِمَةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى ضَرَرٍ عَظِيمٍ عَلَيْهِنَّ، فَإِنَّهُ سَبَبُ عَضْلِهِمْ إِيَّاهُنَّ عَمَّنْ يَرْغَبْنَ فِيهِ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُ بِيَدِهِمْ أَمْرُهُنَّ وَإِلَيْهِمْ إِنْكَاحُهُنَّ، وَأَلَّا يَكُونَ لَهُمْ إِنْ نَكَحُوهُنَّ مَنْ يُطَالِبُهُمْ عَنْهُنَّ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِنَّ إِلَى مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُنَّ، وَنُظِرَ لِذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ عَضْلِهِمْ لِلْيَتَامَى الْغَنِيَّاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ السُّورَةِ قَالَ: وَمِنْهَا الرَّضَاعَةُ، فَإِنَّ الَّتِي أَرْضَعَتْ تُشْبِهُ الْأُمَّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا سَبَبُ اجْتِمَاعِ أَمْشَاجِ بِنْيَتِهِ وَقِيَامِ هَيْكَلِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْأُمَّ جَمَعَتْ خِلْقَتَهُ فِي بَطْنِهَا وَهَذِهِ دَرَّتْ عَلَيْهِ سَدَّ رَمَقِهِ مِنْ أَوَّلِ نَشْأَتِهِ، فَهِيَ أُمٌّ بَعْدَ الْأُمِّ وَأَوْلَادُهَا إِخْوَةٌ بَعْدَ الْإِخْوَةِ، وَقَدْ قَاسَتْ فِي حَضَانَتِهِ مَا قَاسَتْ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ حُقُوقِهَا مَا ثَبَتَ، وَقَدْ رَأَتْ مِنْهُ فِي صِغَرِهِ مَا رَأَتْ، فَيَكُونُ تَمَلُّكُهَا وَالْوُثُوبُ عَلَيْهَا مِمَّا تَمُجُّهُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ، وَكَمْ مِنْ بَهِيمَةٍ عَجْمَاءَ لَا تَلْتَفِتُ إِلَى أُمِّهَا أَوْ إِلَى مُرْضِعَتِهَا هَذِهِ اللَّفْتَةَ، فَمَا ظَنُّكَ بِالرِّجَالِ!
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَسْتَرْضِعُونَ أَوْلَادَهُمْ فِي حَيٍّ مِنَ الْأَحْيَاءِ فَيَشُبُّ فِيهِمُ الْوَلَدُ وَيُخَالِطُهُمْ كَمُخَالَطَةِ الْمَحَارِمِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُمْ لِلرَّضَاعَةِ لُحْمَةً كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَالرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ وَكَوْنَ الْأَصْلِ فِي مِقْدَارِهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، وَالْخُمْسَ لِلِاحْتِيَاطِ.
قَالَ: وَمِنْهَا الِاحْتِرَازُ عَنْ قَطْعِ الرَّحِمِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ، فَإِنَّ الضَّرَّتَيْنِ تَتَحَاسَدَانِ وَيَنْجَرُّ الْبُغْضُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُمَا، وَالْحَسَدُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ أَخْنَعُ وَأَشْنَعُ، وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَاتٌ مِنَ السَّلَفِ ابْنَتَيِ الْعَمِّ وَالْخَالِ لِذَلِكَ، فَمَا بَالُكَ بِامْرَأَتَيْنِ أَيُّهُمَا فَرَضَ ذَكَرًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى كَالْأُخْتَيْنِ وَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، أَوْ خَالَتِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَرَدَ فِي الْجَمْعِ: